يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Powered By Blogger

أرشيف المدونة الإلكترونية

Followers

الأحد، 4 نوفمبر 2012

تغذية العمال


تغذية  العمال

               لاريب في أن طبيعة مهنة الإنسان وطراز حياته يفرضان عليه نظاماً غذائياً معيناً، ولاسيما بعد التطورات السريعة التي يشهرها عصرنا الحاضر, . ونظرة واحدة نلقيها على أصناف الأعمال التي يمارسها الناس عادة، تجعلنا ندرك أن هذه الأعمال تفرض -بصورة تلقائية- مردوداً غذائياً معيناً. مثال ذلك.. أن الأشخاص الذين نفرض عليهم مهنهم أن يقضوا جلّ أوقاتهم في غرفة قليلة التهوية، دون أن يتحركوا، يحتاجون إلى غذاء سهل الهضم ومنشط للجسم، حتى ولو كان هذا الغذاء فقيراً -إلى حد ما- بالحريرات. أي أن الغذاء الصالح لهؤلاء هو الخضار النيئة والفواكه.. فالماء الذي يحتويه الخس أو السبانخ، أو العنب أو البرتقال يسهّل توازن الجسم، ويساعد على طرح السموم، كما أن الألياف السليلوزية الموجودة في هذه الأغذية تحرض الأمعاء على الإفراغ. وكما نعلم فإن الخضار والفواكه تزود الجسم بمزيج ممتاز من الأملاح المعدنية المفيدة كالكالسيوم والفوسفور، والكبريت، والبوتاسيوم، وغيرها، وكلها تكون على شكل تتقبله العضوية وتتمثله، ولما كان محتواها من الصوديوم ضعيفاً، فإنها تساعد على طرح البول وتجنب الجسم السمنة، والترهل. ولما كان الركون إلى السكون وعدم الحركة مدة طويلة يجنح بالفقرات إلى التشويه، ويسبب ضعف الكلس في العظام فإن أغذية تحتوي على الفيتامينات والكالسيوم، هي خير مساعد على تعويض النقص وسد حاجة الجسم من تلك العناصر. وغني عن البيان أن نشير إلى أن بعض الأمراض كالسل والإنفلونزا يسبق الإصابة بها توفر جو محبوس كالمكاتب والمتاجر. هذا بشكل عام، إلا أن هناك بعض المهن التي تتطلب ركود الجسم، وقلة حركته، إلا أنها في الوقت نفسه، تتطلب من الدماغ جهداً كبيراً، كما هو الحال لدى الذين يمارسون أعمالاً فكرية، فهؤلاء يحتاجون إلى أغذية إضافية تحث مراكز الأفكار في الدماغ على العمل. ومع أن حاجة الدماغ المفكر لا تصل إلى السعرات  الحرارية، إلا أن الدراسة أثبتت أن الجهد العقلي يبدد كثيراً من الأملاح المعدنية، وبشكل خاص المواد الفوسفورية والكلسيوم، ولذا يجب على الذين يعملون بعقولهم  أن يعوّضوا ما يفقدهم عملهم إياه من هذه المواد، وهنا يبرز لنا الحليب كمصدر ممتاز من مصادر الكلسيوم والفوسفور في آن واحد، والقول نفسه ينطبق أيضاً على بعض مشتقات الحليب كالجبن، ولو شئنا أن نصنع تركيباً كيميائياً غنياً بالفوسفور والكالسيوم أكثر من الحليب لما استطعنا، ولذا فإن اعتياد العامل بذهنه على تناول كمية من الحليب يومياً يحل له جانباً كبيراً من مشكلة العناصر المعدنية التي يبددها التفكير. ومن الأطعمة الغنية بالفوسفور والكالسيوم صفار البيضة ورشيم القمح، والبندق، واللوز، والأسماك، وكذا الكاكاو والشوكولاته لولا ما تسببه هذه الأطعمة بالكبد من أضرار بسبب غناهما بالمواد الدهنية، ولا ننسى أيضاً مغلي اللحم الغني بحمض الجلوثاميك الذي يطلق عليه اسم «منشط الذكاء». ومن الضروري -خلافاً لما هو شائع- أن يقلل العاملون بعقولهم  من المواد المهيجة للمراكز العصبية كالقهوة والشاي، فهي لا تغذي بل تفقر العضوية من المواد المغذية. أما الذين يعملون بأعصابهم، فإن الغذاء الذي يحتاجون إليه هو المهدئات التي تقلل من توتر الأعصاب، وتشحنها بقدرة تساعدها على تحمل أسباب الإثارة، فبالنسبة لهؤلاء تكون وجبة العشاء هي أهم وجباتهم اليومية، وعلى هذه الوجبة يتوقف مصير ليلتهم، ويحسن أن تحتوي الوجبة على طبق من حساء الخضار الكثيف، وطبق من الخضار الخضراء، تعقبها قطعة جبن ونوع واحد من الفاكهة، ويجب الإقلال من اللحوم لأنها تزيد في حموضة الدم، ولا بأس أيضاً من تناول قليل من الخس أو الجزر أو البطاطا المقلية، فجميعها مهدئة للأعصاب، مريحة لها. أما الذين يعملون بأجسامهم وبعضلاتهم فإنهم يحتاجون إلى مقدار عال من السعرات  الحرارية، فالإنسان العادي يحتاج إلى مقدار متوسط ما بين 2500 و3000 حريرة يومياً، أما العامل الذي يبذل مجهوداً جسمياً وعضلياً كبيراً، فإنه يحتاج إلى السعرات  الحرارية يتراوح مقدارها ما بين 3500 و6000 حريرة يومياً. وطبيعي أن مثل هذه الطاقة الحريرية العالية، لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق المواد السكرية والدهنية، فالكبد يحوّل السكر إلى الغليكوجين فيوضع هذا في العضلات ناشراً السعرات  الحرارية فيها. أما الدهون فإن جراماً واحداً منها يطلق حريرات تعادل ضعف ما يطلقه جرام واحد من السكر، ولكن هذه الطاقة لا يستهلكها الجسم بالسرعة نفسها التي يستهلك بها المواد السكرية، ولذا فالأحرى اعتبارها طاقة احتياطية أكثر منها طاقة عاملة فعلاً. ولابد لمن يعملون بأجسامهم من أن يحافظوا على التوازن الضروري لأجسامهم، وتزويدها بالحريرات اللازمة لمواجهة الجهد المفرط الذي يبذلونه. ولتحقيق هذه الغاية، نجد أمامنا قائمة تحتوي على الأغذية الضرورية ذات القدرة الحرارية العالية، كالخبز والحبوب واللحوم والزيوت والأجبان، والزبدة، بالإضافة إلى بعض الفواكه ذات القدرة الحرارية العالية كالتمر، والمكسرات، ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الجهد العضلي يتطلب طرح العرق بصورة مستمرة، وهذا يلفت الانتباه إلى ضرورة تأمين المقادير الكافية من السوائل اللازمة لحفظ توازن أنسجة الجسم. والمعروف أن العامل لا يستطيع تناول طعامه في منزله، نظراً لضآلة الوقت المتاح له للطعام، ولكن ذلك لا يعتبر سبباً في إهمال التغذية، وخير للعامل أن يحضر معه وعاء يحتوي على حاجته من المواد الغذائية المتكاملة التي تحقق له المردود الحراري اللازم له، مع بعض المواد الإضافية ذات القدرة الحرارية العالية كالجوز واللوز والبندق والتين المجفف والتمر والبلح، وأن يتناول في المساء «وجبة تعويض» تحتوي على اللحم أو السمك والجبن.
          الأكل وظيفة طبيعية، علينا أن نقوم بها، ومن حقنا الاستمتاع بها، ودائماً ما ينصح علماء التغذية بألا نقبل على تناول طعامنا ونحن مهمومين كوسيلة لتفريغ طاقات الإحباط الموجودة بداخلك، وألا تشغل اؤهاننا بأي نشاط آخر أثناء تناول الطعام كالقراءة، أو مشاهدة التلفاز، لتستحضر وعيك في عملية تناول الطعام، مما يعجل الشعور بالشبع، ويجب تناولك للطعام وأنت تشعر بجوع محتمل لتكون لديك الإرادة في اختيار نوعيات الأطعمة وتناولها بالكمية المسموحة لك. والواقع أنه كلما زاد استمتاعنا بالأكل غدا هضم الطعام أسرع، ولكن إذا أعقب المتعة التي نشعر بها ونحن على المائدة ضيق وتوعك، كان ذلك دليلاً على أننا فعلنا شيئاً خاطئاً. إن أعراض «عدم رضاء» المعدة السليمة عن وجبة أكلناها كوجود غازات وانتفاخ، وما إلى ذلك هو بمنزلة أضواء حمراء تحذرنا من خطر يواجهنا إذا كررنا مثل هذه الوجبة بالنوعية والكمية التي أكلناها، دون استبعاد الأنواع والطرائق التي لا تطيقها معدتنا. إن أي نوع من أنواع الطعام لا تستسيغه المعدة، ينبغي أن يكف المرء عن تناوله، فأنواع الطعام كثيرة وأشكالها متنوعة بحيث يمكن استبعاد واحد أو اثنين منها، حتى ولو كانت أنواع الطعام المستبعد لا تصيب غيرنا بالضرر. فالمعدات تختلف كما يختلف البشر، لهذا كان لزاماً أن نتعرف على خصائص المعدة، وما يناسبها مما تحبه من ألوان الطعام، فليس كل ما تحبه أنت تحبه معدتك، والمعدة قد تلتزم الصمت إذا أكرهتها على ما لا تستسيغ المرة بعد الأخرى، لكنها أخيراً تثور فتضرب عن العمل أو تحدث ضرراً لبعض الأعضاء. لا تأكل وأنت ثائر الأعصاب!: الهضم عملية لا إرادية، فأنت لا تستطيع أن تأمر معدتك أن تهضم هذا الطعام أو ذاك، أو أن تسرع في الهضم، أو تبطىء، ولكنك تستطيع أن توجهها بطريقة غير مباشرة عن طريق حالتك النفسية أو العاطفية. فعند تعرض الإنسان لأي مؤثر يؤدي للغضب أو التوتر أو القلق وغيره من الانفعالات الإحباطية، فإن الجسم يستجيب لهذا الانفعال على نحو هرموني عصبي يؤدي إلى استنفار جميع أعضاء الجسم للقيام بجهد عظيم وهو نوع من التكيف الوظيفي الهادف إلى الهجوم بغية الدفاع عن النفس، وفي مثل هذه الحالات قد يصاب الإنسان بقرحة المعدة نتيجة لفرط إفراز حمض الهيدروكلوريك المعدي بتأثير العصب الدماغي العاشر، أو لنقص تروية الطبقة الباطنة للجدار الداخلي للمعدة بالدم نتيجة انقباضات وضيق الشعيرات الدموية المغذية لها، مما يضعف من مناعة جدار المعدة وسهولة تقرحه بتأثير الحمض المعوي. ولذلك استسلامك للتفكير أو القلق أو الحزن أو تشاجرك مع زوجتك (أو زوجك) وأنت جالس على المائدة تكون من أسهل الطرق للقضاء على شهيتك وإصابتك باضطرابات هضمية وإعاقة هضم ما تتناوله من الطعام، وربما وصل الأمر إلى حدوث قرحة معوية لا سمح الله. ومما لا شك فيه أننا معرضون لهذه التأثيرات وليس هناك من سبيل لتفاديها، ولكن في وسعنا أن ندرب أنفسنا على مواجهة المنغصات والمثيرات بشيء من عدم المبالاة. والشاطر من يستطيع ذلك. ويجب عند إقبالك على تناول الطعام، أن تهيىء الجو الهادىء الجميل، مع إدخال الهدوء إلى غرفة وطاولة الطعام. فكلما زينت غرفة المائدة بألوان من الزهور الجميلة واللوحات الجميلة الهادئة، كان من أهم العوامل المساعدة على فتح الشهية وسرعة هضم الطعام. إن مشاركة رب الأسرة لأولاده وزوجته في مائدة الطعام إنما يقدم له ولأفراد أسرته وجبة غذائية سهلة الهضم وسريعة الامتصاص من القناة الهضمية. في حين نجد أن تفرق الأسرة وتشتتها عند الطعام يحدث العكس وقد لاحظ الأطباء إصابة المرضى الذين يدخلون المستشفيات لإجراء جراحات أنهم يصابون أحياناً في صباح اليوم الذي ستجرى فيه الجراحة بحالة سكر في البول، وهذه الحالة ناتجة عن الخوف والقلق من جراء العملية الجراحية، ويسمى هذا النوع من السكر «السكر العاطفي». ويلاحظ أن من يتبعون نظاماً خاصاً بالتغذية أنهم كثيراً ما يتبعون هذا النظام في ضجر وملل، وكثيراً ما يأكلون الأطعمة المصرحة لهم والأفكار السوداء تراودهم باعتبار أنهم لم يعودوا طبيعيين، وهذه الأفكار والأوهام كثيراً ما تسيء إليهم وتذهب بالفائدة المرجوة من تحديد الطعام. حكمة التعدد إن نظام تناول ثلاث وجبات من الطعام في اليوم هو أفضل نظام غذائي للجسم، حيث لا يسمح بترسيب الدهون في الجسم، ، وقد أوضحت النتائج أن اتباع نظام الوجبة الواحدة أو الوجبتين في اليوم يزيد من ترسيب الدهون في الجسم وحدوث السمنة. ولذلك ينصح بألا تغادر منزلك في الصباح دون إفطار ولا تدع مشاغلك تنسيك وجبة الغداء في موعدها، ولا تنس تناول وجبة العشاء قبل النوم بحوالي ساعتين إلى ثلاث ساعات، ويفضل ألا تقل المدة الزمنية بين الوجبة والأخرى عن أربع أو خمس ساعات، فهذه هي تقريباً المدة الضرورية لهضم الطعام في المعدة وتهيئة الجسم لتقبل وجبة جديدة. أما الأطفال فلا بأس من أن يكثروا من عدد مرات تناول الطعام. والمرضى قد يحتاجون أحياناً إلى عدد أكثر من الوجبات حسب نوع الحالة المرضية. وخير ما ننصح به عند الإحساس باضطرابات معدية نتيجة لتناول وجبة ثقيلة في حفل ما، أو تغيير موعد تناول الطعام، وما إلى ذلك أن يمتنع الإنسان عن تناول الوجبة التالية. فإراحة المعدة بعد الإثقال عليها أو إثارتها تهيىء لها فرصة طيبة لاستعادة نشاطها وإعادة تنظيم وظائفها. إن وجبة تمتنع عنها لن تضرك، ولكن وجبة تتناولها والمعدة ممتلئة قد تؤدي إلى اضطرابات هضمية أو إلى آلام قد تستمر لعدة أيام

0 التعليقات

إرسال تعليق

 
;